ليست الهزيمة العسكرية هي أخطر ما يواجهنا؛ فنحن أُمةٌ عمرها أربعة عشر قرنًا، عِشنا انتصارات لم تحلم بها أمة أخرى، وتجرعنا هزائم - أقل منها أفنى أممًا - وبقينا نحن، وأفنينا غُزاتنا، ولنذكر أن هزيمة عسكرية واحدة تنزل بـ (إسرائيل ) تعني زوالها؛ فليس ما نخافه على أمتنا هو الهزيمة العسكرية، وإنما الخطر الحقيقي، هو الهزيمة النفسية التي يُراد إنزالها بنا.
كانت النكسة، صدقت النُذر كاملة، بل وبأبشع مما تصور أكثر الناس تشاؤمًا، هزم أصحاب العقيدة الفاسدة من لا عقيدة لهم، انتصر الذين آمنوا بدينهم وتراثهم وخرافاتهم، وفي نفس الوقت بنوا مجتمعًا مسلحًا من قمة الرأس إلى أخمص القدم، الذين سخّروا آخر كلمة في العلم لخدمة عدوانهم وتحقيق الحلم الذي ربطوه بتوراتهم وتلمودهم، انتصروا على الذين تخلوا عن دينهم، ورأوا الحديث فيه تعويقًا للعلم وتخلّفًا عن ركب الحضارة ومجافاة لروح العصر، وبُعدًا عن التحرر المنشود، انتصروا على الذين نسوا مجد أمجادهم، واحترفوا سبّ هؤلاء الأجداد والتشهير بهم والهزء بتاريخهم. كنا نعرف أن حفنة من المثقفين المسيطرين على الفكر العربي، هم قشرة عفنة مهترئة، تفرز صديدًا وتفسد على الأمة تفكيرها وتصيبها بعاهات وأنواع عديدة من الشلل.
لقد أدخلوا الأمة العربية المعركة بلا عقيدة، وبمجموعة من الأفكار المشوشة الفاسدة المتقمّمة من مزابل الحضارة الغربية، واجهوا مجتمعًا أُقيم لإبادتهم باستبعاد الدين، لقد حوّلوا الهزيمة إلى قانون طبيعي، وما من سبيل إلى تفاديه إلا بجعل مجتمعنا متحضرًا عصريًّا؛ فالهزيمة كانت قدَرًا محتومًا، والسبب هو التخلّف، وهذا يفتح الباب للراغبين في التربّع على السلطة باسم الاستعداد للحرب ضد (إسرائيل )، ثم لا يحاربون أبدًا.
إن (إسرائيل ) - للأسف - تعي دروس الفتح الإسلامي أكثر مما نعيه نحن، وتستفيد منه أكثر مما نستفيد؛ فأول دبابة إسرائيلية دخلت سيناء كانت تحمل نصًّا من التوراة، والباب المُفضي لمبنى المخابرات الأمريكية منقوش عليه آية من الإنجيل، وكما قال (بن جوريون ) : "بدون التفوق الروحي لم يكن شعبنا يستطيع أن يبقى ألفي سنة "؛ فنقطة البدء إذن في كل حضارة هي العقيدة، هي القيم الموجّهة للجماهير والأفكار التي توجّه سلوك قيادتها.
كان اهتمامهم قبل العار- النكسة - بأسابيع: التسابق على دعوة اليهود وأنصار اليهود؛ فجاءوا بـِِِِِِِِِ (سارتر ) وبعشيقته وعشيق عشيقته، وهو يهودي الدين صهيوني الميول، لا يخفي يهوديته ولا يواري صهيونيته، ومع أن غرض الزيارة ينحصر في فلسطين؛ فعندما سأله بعض شباب الصحفيين عن قضية فلسطين، ضاق بهم منظمو الحفل وهاجموهم واتهموهم بالتخريب واعتذروا للضيف الكريم. لقد وصلت الدناءة بـِِِِِِِِِ (سارتر ) إلى حدّ القول أن هذه الحرب ليست عدوانًا استعماريًا على العرب، بل هي عدوان من العرب على (إسرائيل ).
لقد قُهرت مصر في الخامس من يونيه؛ لأن مثل هذا الشباب كان يطفح على وجه الثقافة في مصر، شبابٌ يعرف أفكار (سارتر ) الأساسية ثم لا يبغضه بغض الموت؛ بل يحيط به، بينما في (إسرائيل ) يتظاهرون ضد وصول سفير ألماني بعد كل ما دفعته المانيا لـ (إسرائيل )، ولكن كما يقول أحد مؤسسي الصهيونية "كن مهيبًا، يهابك الناس ". إن الذي يعنينا هو فضح هذه الفئة المسيطرة على الفكر العربي، والتي تريد استغلال الهزيمة العسكرية في فتح حوار مع (إسرائيل ).
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان